كانت هذه
الأسئلة جوهر محاور
المؤتمر الدولي السادس لكلية دار العلوم بجامعة المنيا والذي جاء
عنوانه: "
الذات والآخر في الثقافة العربية الإسلامية"..
في
كلمته قال فضيلة
الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية إن الأساس في كل تصرف من تصرفات الإنسان هو المعرفة.
فمن عرف نفسه عرف ربه.
من هنا يكون الاطلاع علي الذات أمر مهم جداً للإنسان في تعامله مع الآخر. وفي عبادة الله سبحانه وتعالي..
فالإنسان عليه أن يعرف خصائصه ويطلع اطلاعاً عميقاً علي ذاته فيعرف حقوقه وواجباته ويعرف التكليف الذي كلف به والتشريف الذي منحه الله له.
لذا فإن الإسلام علمنا أول ما علمنا الثقة بالنفس لأن الثقة بالنفس أساس معرفتها وأساس التعامل مع الآخر.
لكن الثقة بالنفس في الإسلام تأتي في إطار المنهج الوسطي الذي
ينفي الكبر والاستكبار عن المسلم لأن التكبر عائق من عوائق عمارة الأرض. فقد كتبت علي آدم المعصية فانكسرت نفسه أمام خالقه.
وهو انكسار كان ضروري لكي يكون جديراً بعمارة الدنيا فخرج من دار التشريف إلي دار التكليف منكسر القلب.. خرج وهو يخشي المعصية ويسعي لتحقيق التقوي رغم أنه صار نبياً معصوماً.
و
أضاف: إن التعامل مع الآخر بإيجابية يتحقق بالحب.
لذلك كان
رسولنا "صلي الله عليه وسلم" يعلمنا الحب ويحذرنا أنه من علامات الإيمان فلا يجوز لنا أن نقع في دائرة الكراهية.
حتي لا نخرج عن الإيمان..
فقال "
صلي الله عليه وسلم": "لا يؤمن أحدكم حتي يحب لأخيه ما يحب لنفسه".. و
قوله: "لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال حبة من كبر".
و
حذر فضيلته من الحضارات التي تعتبر الصراع هو الأصل. فتري صراعاً قائماً بين الرجل والمرأة والإنسان والكون والشعب والحكومة وصاحب العمل والإجراء والحقيقة غير ذلك.
ف
ديننا علمنا أن التكامل هو الأصل والأساس.
ف
الإسلام يطلق علي الرجل والمرأة كلمة "
الإنسان" فاللغة ليس فيها إنسانة.
وإنما الرجل إنسان والمرأة إنسانة لأنهما جزءان لكائن واحد. فهما متكاملان.
كما يشعر المؤمن بالتكامل مع الكون من خلال أنه يسبح الله ويسجد له.
وهو مؤمن أن الكون يسبح ويتكامل.. كما أن المؤمن يؤمن بالتعدد.
وقرآنه به كثير من الآيات التي تؤكد ذلك. كما أنه يؤمن بالنسبي وكذلك المطلق.
وحول
أثر العولمة في علاقة الذات بالآخر قال
الدكتور ماهر جابر رئيس جامعة المنيا: إن العولمة خلقت أشكالاً من عدم المساواة وأثارت صراعاً بين الثقافات أكثر مما أدت إلي تعدد ثقافي يسهم في التفاهم والتقارب بين الحضارات حتي أن بعض القوي خلطت بين الإسلام والإرهاب.
فنصبت نفسها عدواً للإسلام في مجال مجابهتها للإرهاب..
ولسوء الحظ فقد ازدادت الهوة بين المنتصرين والخاسرين في العولمة حتي رأي البعض ثقافتهم مهمشة وأن عقائدهم الدينية لا تحترم.
الدكتور
محمد عبدالرحيم عميد كلية دار العلوم أكد أن قبول الآخر والتعايش معه مبدأ انفرد به الإسلام ودعا إليه منذ أكثر من أربعة عشر قرناً قبل أن تسمع به الدنيا.
حيث
عقد الرسول "صلي الله عليه وسلم" عندما هاجر من مكة إلي المدينة اتفاقية بين المسلمين واليهود أسماها "صحيفة المدينة" حدد فيها الحقوق والواجبات التي علي الجميع الالتزام بها مسلمين وغير مسلمين ورغم أن المسلمين كانوا القوة الغالبة وأصحاب السيادة إلا أن القانون أو الصحيفة جعلت المساواة بين الجميع والعدل بينهما مبدأ وأساس بصرف النظر عن العرق أو الدم أو الدين.
إلا أن اليهود الذين مردوا علي الخيانة غدروا وخانوا الله ورسوله ومازالوا يخونون.
و
أضاف: إن تعامل الإسلام مع الآخر لم يقف عند العدل. بل تجاوزه إلي التسامح والإحسان مع غير المسلمين.
فلم يعرف التاريخ أمة متسامحة كما عرف عن المسلمين.
فالتاريخ يحفظ ما كان من الصليبيين حين غزوا المسلمين واحتلوا القدس.
وقتلهم ما يتجاوز السبعين ألف مسلم. فلما نصر الله المسلمين بقيادة صلاح الدين الأيوبي لم يعاملوا الصليبيين بالعدل الذي هو القتل.
كما قتلوا وإنما عاملوهم بالتسامح والعفو والإحسان.
ومن
يزور مصر القديمة يجد في منطقة الفسطاط مسجد عمرو بن العاص الذي بناه الفاتح المسلم علي مقربة منه تري الكنيسة المعلقة. وفي نفس المنطقة المعبد اليهودي.. فلماذا لم يهدم المسلمون المعبد والكنيسة؟!.. لأن دينهم يجرم ذلك لأنه يقبل الآخر ويعترف به ويحترم موقفه.
و
يقارن الدكتور عبدالرحيم
بين موقف الإسلام وموقف الغرب في عصرنا الحالي في قضية الذات والآخر. فيقول: إن أجهزة الإعلام العربية تصور الإسلام علي أنه دين ينكر الآخر.
ويسعي إلي التخلص منه وتعتبر هذه التهمة الركيزة الأساسية للحملة البشعة التي يطلقها الغرب ضد الإسلام علي أنه العدو اللدود للحضارة الغربية والمصارع العتيد لها.. كما أنه لا يؤمن بالآخر ويسعي لفرض حضارته عليه بالقوة.
بل يسعي للتخلص منه بدليل ما يفعله دعاة الحرية بالعراق. والعراقيين.. وبالفلسطينيين العزل.. والأمثلة لا تكاد تُعد.
أتمني أن تكونوا استفدوا