النظرة الأولى لك والثانية عليك

بسم الله والحمد لله والصَّلاة والسَّلام على سيِّدنا محمَّد خاتم الأنبياء والمُرسلين وسلم تسليما كثيرا
يحلُّ للمرأة أن تكون بادية الوجه، ويحلُّ للرَّجل أن ينظر إليها بشكل طبيعي وحتى لو كان بقصد معرفة مدى حسن وجهها بالنسبة له ويُعتبر النِّقاب (أي تغطية الوجه) بدعة مخالفة لنصِّ القرآن الكريم.
ويحلُّ للمرأة الحديثُ إلى الرِّجال والحوار معهم والتَّواجد في أماكن العمل معهم.
الدَّليل القرآني:
أ ـ شرعيَّة رؤية حسن المرأة
يبدأ أوَّل أدلَّتنا القرآنيَّة على أنَّ الرَّجل يمكن أن يرى وجه المرأة الأجنبية (التي يحلُّ له الزواج منها) من سنَّة سيِّدنا محمَّد عليه الصَّلاة والسَّلام المذكورة في القرآن الكريم حيثُ يقول الله تعالى مخاطباً النبيًّ الكريم:
أعوذ بالله من الشَّيطان الرَّجيم
بسم الله الرَّحمن الرَّحيم
لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاء مِن بَعْدُ وَلَا أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَّقِيباً{52} الأحزاب
طبعاً الَّذي يتكلم هنا هو الله سبحانه وتعالى وهو يقول للنبيِّ الكريم عليه الصَّلاة والسَّلام أنَّه لا يحلُّ له اعتباراً من لحظة نزول هذه الآية أن يتزوَّج ولو أعجبه حسن من وقعت عينه عليه من النِّساء. هذه الآية تحتوي الكثير من الدَّلات على أحد جوانب العلاقة مع المرأة في ظلِّ وجود صاحب الرسالة الإلهية محمَّد عليه الصَّلاة والسَّلام، وهي تخبرنا بأمرين
1 ـ إمكانيَّة رؤية حسن المرأة وهي غير متزوِّجة، وبالعرف فإن المقصود بالحسن هو بالدرجة الأولى حسن الوجه والَّذي لا يمكن معرفة مدى حسنه إلاَّ إذا كان ظاهراً بشكل كامل بينما يمكن تقدير بقيَّة محاسن المرأة وهي محتشمة وغير ظاهر كالطُّول وغيره.
2 ـ أنَّ الحسن كان يشكل بالنِّسبة لنبيِّنا الكريم عليه الصلاة والسَّلام دافعاً للزواج ولذلك جاء الأمر الإلهي بالنهي عن الزواج حتَّى لو أعجبه حسن من رأى من النساء.
ومن البديهي أنَّ المرأة التي يتكلم عنها النص القرآني السابق هي امرأة مؤمنة لأن المرأة المشركة محرمة أصلاً على المؤمن ولو كان النبيُّ الكريم نفسه، حيث يقول الله تعالى:
أعوذ بالله من الشَّيطان الرَّجيم
بسم الله الرَّحمن الرَّحيم
وَلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلاَ تُنكِحُواْ الْمُشِرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُواْ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُوْلَـئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللّهُ يَدْعُوَ إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ {221}البقرة
ب ـ شرعيَّة الحديث مع النِّساء واختلاطهنَّ بالمجتمع
يقول الله تعالى في كتابه العزيز:
أعوذ بالله من الشَّيطان الرَّجيم
بسم الله الرَّحمن الرَّحيم
قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ{1} الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُم مِّن نِّسَائِهِم مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنكَراً مِّنَ الْقَوْلِ وَزُوراً وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ{2}المجادلة
يخبرنا الله تعالى في قرآنه الكريم أنَّ امرأة كانت تتحدَّث إلى النبيِّ الكريم وتشتكي له سلوكاً معيَّنا من زوجها لسنا هنا بصدد بحثه، ويمكننا أن نستنتج من مناخ هذه الآية مايلي:
1 ـ أنَّ النبي الكريم كرجل كان يجلس مع امرأة أجنبيَّة متزوِّجة وهي تناقشه بأمر يخص شأنها الأُسريّ، مما يدلُّ على أنَّه لا يحظَّر على النِّساء الخروج وقضاء شؤونهنَّ ولو كان ذلك يتطلَّب الإختلاط بالرِّجال. ولا يذكر القرآن الكريم ولا في موضع أنَّ النَّبيَّ عليه الصَّلاة والسَّلام له استثناء خاصٌّ في ما يخص الإختلاط بالنِّساء ليكون الأمر مباحاً له فقط ومحرَّماً على غيره.
2 ـ أنَّه لا يحظَّر على المرأة المؤمنة أن تستشير أهل الإختصاص (هنا كان النبي الكريم عليه الصَّلاة والسَّلام) والعدول في علاقتها بزوجها وأن تشتكي عليه إن كان يعاملها بما يخالف القانون وليس له أن يمنعها من البحث عن حقها وعن واجبها ولا يحقُّ للمجتمع أن يزدريها ويعتبر أنَّها تخالف أصول العلاقة الزوجيَّة أو أنَّها لا تحفظ زوجها كما يحدث في مجتمعاتنا المسمَّاة إسلاميَّة.
أما إذا بحثنا عن سنن الأنبياء في التعامل مع النساء والذين أمر الله تعالى نبيه الكريم محمَّد عليه الصَّلاة والسَّلام بالإقتداء بسلوكهم فإننا سنجد مثالاً بالغ القيمة في سيرة سيِّدنا موسى عليه الصَّلاة والسَّلام، يقول القرآن الكريم:
أعوذ بالله من الشَّيطان الرَّجيم
بسم الله الرَّحمن الرَّحيم
وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاء مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي أَن يَهْدِيَنِي سَوَاء السَّبِيلِ{22} وَلَمَّا وَرَدَ مَاء مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاء وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ{23} فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ{24} فَجَاءتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاء قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ{25} قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ{26} قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِندِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ{27} قَالَ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ{28}القصص