السفير مديرعام المنتدى
الجنس : عدد الرسائل : 2057 العمر : 53 تاريخ الميلاد : 02/01/1971 المهنة : جنسيتك : مصرى الاوسمة : المنتدى : تاريخ التسجيل : 06/02/2009
| موضوع: موسى عليه السلام 3 الأربعاء 04 مارس 2009, 1:25 am | |
| قال الرحمن الرحيم: وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى
ازدادت دهشة موسى. إن الله سبحانه وتعالى هو الذي يخاطبه، والله يعرف أكثر منه أنه يمسك عصاه. لماذا يسأله الله إذن إذا كان يعرف أكثر منه؟! لا شك أن هناك حكمة عليا لذلك.
أجاب موسى: قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى
قال الله عز وجل: أَلْقِهَا يَا مُوسَى
رمى موسى العصا من يده وقد زادت دهشته. وفوجئ بأن العصا تتحول فجأة إلى ثعبان عظيم الحجم هائل الجسم. وراح الثعبان يتحرك بسرعة. ولم يستطع موسى أن يقاوم خوفه. أحس أن بدنه يتزلزل من الخوف. فاستدار موسى فزعا وبدأ يجري. لم يكد يجري خطوتين حتى ناداه الله: يَا مُوسَى لَا تَخَفْ إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ.
عاد موسى يستدير ويقف. لم تزل العصا تتحرك. لم تزل الحية تتحرك.
قال الله سبحانه وتعالى لموسى: خُذْهَا وَلَا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى
مد موسى يده للحية وهو يرتعش. لم يكد يلمسها حتى تحولت في يده إلى عصا. عاد الأمر الإلهي يصدر له: اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاء مِنْ غَيْرِ سُوءٍ وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ
وضع موسى يده في جيبه وأخرجها فإذا هي تتلألأ كالقمر. زاد انفعال موسى بما يحدث، وضع يده على قلبه كما أمره الله فذهب خوفه تماما..
اطمأن موسى وسكت. وأصدر الله إليه أمرا بعد هاتين المعجزتين -معجزة العصا ومعجزة اليد- أن يذهب إلى فرعون ليدعوه إلى الله برفق ولين، ويأمره أن يخرج بني إسرائيل من مصر. وأبدى موسى خوفه من فرعون. قال إنه قتل منهم نفسا ويخاف أن يقتلوه. توسل إلى الله أن يرسل معه أخاه هارون. طمأن الله موسى أنه سيكون معهما يسمع ويرى، وأن فرعون رغم قسوته وتجبره لن يمسهما بسوء. أفهم الله موسى أنه هو الغالب. ودعا موسى وابتهل إلى الله أن يشرح له صدره وييسر أمره ويمنحه القدرة على الدعوة إليه. ثم قفل موسى راجعا لأهله بعد اصطفاء الله واختياره رسولا إلى فرعون. انحدر موسى بأهله قاصدا مصر.
يعلم الله وحده أي أفكار عبرت ذهن موسى وهو يحث خطاه قاصدا مصر. انتهى زمان التأمل، وانطوت أيام الراحة، وجاءت الأوقات الصعبة أخيرا، وها هو ذا موسى يحمل أمانة الحق ويمضي ليواجه بها بطش أعظم جبابرة عصره وأعتاهم. يعلم موسى أن فرعون مصر طاغية. يعلم أنه لن يسلمه بني إسرائيل بغير صراع. يعلم أنه سيقف من دعوته موقف الإنكار والكبرياء والتجاهل. لقد أمره الله تعالى أن يذهب إلى فرعون. أن يدعوه بلين ورفق إلى الله. أوحى الله لموسى أن فرعون لن يؤمن. ليدعه موسى وشأنه. وليركز على إطلاق سراح بني إسرائيل والكف عن تعذيبهم. قال تعالى لموسى وهارون: (فَأْتِيَاهُ فَقُولَا إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا تُعَذِّبْهُمْ). هذه هي المهمة المحددة. وهي مهمة سوف تصطدم بآلاف العقبات. إن فرعون يعذب بني إسرائيل ويستعبدهم ويكلفهم من الأعمال ما لا طاقة لهم به، ويستحيي نسائهم، ويذبح أبنائهم، ويتصرف فيهم كما لو كانوا ملكا خاصا ورثه مع ملك مصر. يعلم موسى أن النظام المصري يقوم في بنيانه الأساسي على استعباد بني إسرائيل واستغلال عملهم وجهدهم وطاقاتهم في الدولة، فهل يفرط الفرعون في بناء الدولة الأساسي ببساطة ويسر؟ ذهبت الأفكار وجاءت، فاختصرت مشقة الطريق. ورفع الستار عن مشهد المواجهة.
| |
|